الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قال الطيبي: خصلتان لا يجتمعان مبتدأ موصوف والخبر محذوف أي فيما أحدثكم به خصلتان كقوله - (خد ت) في البر (عن أبي سعيد) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى انتهى قال الذهبي: وصدقة ضعيف ضعفه ابن معين وغيره وقال المنذري: ضعيف. 3916 - (خصلتان لا يحافظ عليهما) أي على فعلهما على الدوام (عبد مسلم إلا دخل الجنة) مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب (ألا) حرف تنبيه يؤكد به الجملة (وهما يسير ومن يعمل بهما قليل: يسبح اللّه تعالى في دبر كل صلاة) من المكتوبات وذلك بأن يقول سبحان اللّه (عشراً) من المرات (وبحمده) بأن يقول الحمد للّه (عشراً) من المرات (ويكبره) بأن يقول اللّه أكبر (عشراً) من المرات (فذلك) أي هذه العشرات (خمسون ومئة) يعني في اليوم والليلة (باللسان وألف وخمس مئة في الميزان) أي يوم القيامة لأن الحسنة بعشر أمثالها (ويكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمده ثلاثاً وثلاثين ويسبح ثلاثاً وثلاثين فتلك مئة باللسان وألف في الميزان) [ص 442] وذلك لأن عدد الكلمات المحصاة خلف كل صلاة ثلاثون وعدد الصلوات خمس في اليوم والليلة فإذا ضرب أحدهما في الآخر بلغ هذا العدد (فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمس مئة سيئة) يعني إذا أتى بهؤلاء الكلمات خلف الصلوات وعند الاضطجاع حصل الألف وخمس مئة حسنة فيعفى عنه بعدد كل حسنة سيئة فأيكم يأتي كل يوم وليلة بذلك يعني يصير مغفوراً له ذكره المظهر قال الطيبي: والفاء في فأيكم جواب شرط محذوف وفي الاستفهام نوع إنكار يعني إذا تقرر ما ذكرت فأيكم يأتي بألفين وخمس مئة سيئة حتى تكون مكفرة لها فما بالكم لا تأتون بها. - (حم خد 4 عن عمرو) ابن العاص قال الترمذي: حسن صحيح وقال في الأذكار: وإسناده صحيح إلا أن فيه عطاء بن السائب وفيه خلف سببه اختلاط وقد أشار أبو أيوب السجستاني إلى صحة حديثه هذا. 3917 - (خصلتان معلقان في أعناق المؤذنين للمسلمين صيامهم وصلاتهم) شبه حالة المؤذنين وإناطة الخصلتين للمؤمنين بهم بحال أسير في عنقه ربقة الرق لا يخلصه منها إلا لمن أو الفداء ذكره الطيبي. - (ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر: فيه مروان بن سالم الجزري وهو ضعيف ورواه الشافعي مرسلاً قال الدارقطني: والمرسل هو الصحيح. 3918 - (خصلتان من كانتا فيه كتبه اللّه شاكراً صابراً ومن لم يكونا فيه لم يكتبه اللّه شاكراً ولا صابراً من نظر في دينه إلى من هو فوقه) في الدين (فاقتدى به ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد اللّه على ما فضله به عليه كتبه شاكراً صابراً ومن نظر في دينه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف) أي حزن وتلهف (على ما فاته منه لم يكتبه اللّه شاكراً ولا صابراً) قال الطيبي: هذا حديث جامع لأنواع الخير لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك واحتقر ما عنده من نعم اللّه وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه وإن نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه ظهرت له نعمة اللّه وشكرها وتواضع وفعل الخير. - (ت) في الزهد (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه المثنى بن صباح ضعفه ابن معين وقال النسائي: متروك. 3919 - (خصلتان لا يحل منعهما الماء والنار) وذكر في رواية الطبراني معهما الملح وعلل ذلك في رواية للطبراني أيضاً فإن اللّه تعالى جعلهما متاعاً للمقوين وقوّة للمستضعفين. - (البزار) في مسنده (طص) كلاهما (عن أنس) قال أبو حاتم: هذا حديث منكر وأقره عليه الذهبي والحافظ ابن حجر وقال الهيثمي: فيه الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف وفيه توثيق لين. 3920 - (خطوتان) تثنية خطوة بالضم وهو ما بين القدمين في المشي وبالفتح المرة (إحداهما أحب الخطأ) بالضم (إلى اللّه [ص 443] تعالى) بمعنى أنه يثيب صاحبها ويرضى عنه (والأخرى أبغض الخطا إلى اللّه تعالى) يعني أنه يعاقب صاحبها ولا يرضى عنه (فأما التي يحبها فرجل نظر إلى خلل في الصف) أي في صف من صفوف الصلاة (فَسَدّه) أي سدد ذلك الخلل بوقوفه فيه (وأما التي يبغض فإذا أراد الرجل أن يقوم مد رجله اليمنى ووضع يده عليها وأثبت اليسرى ثم قام). - (ك هق عن معاذ) بن جبل قال الذهبي في المهذب: قلت هذا منقطع. 3921 - (خفف) مبني لما لم يسم فاعله أي سهل (على داود) النبي عليه السلام (القرآن) أي القراءة أو المقروء والمراد هنا الزبور أو التوراة سمي قرآناً نظراً للمعنى اللغوي باعتبار الجمع وقيل إنما قال القرآن لأنه قصد به إعجازه من طريق القراءة وهذا كان من معجزاته وقال بعضهم: قرآن كل نبي يطلق على كتابه الذي أوحى إليه. وقال في التنقيح: القرآن الأول بمعنى القراءة والثاني الزبور ثم بين هذه الجملة بقوله (فكان يأمر بداوبه) في رواية بدابته ولا تعارض لأن المراد بالأفراد الجنس لا التوحيد وزمن إسراج الدواب أطول إلا أن يكون لكل دابة سائق (فتسرج) كذا هو بالفاء في خط المصنف وفي رواية تسرج بدونها وعليه هو بالرفع استئنافاً كأنه قيل بماذا فقيل السرج أو النصب بإضمار أن على حد تسمع بالمعيدي (فيقرأ القرآن) الزبور أو التوراة (من قبل أن تسرج دوابه) أي من قبل الفراغ من إسراجها وقد دلّ الحديث على أنه سبحانه يطوي الزمان لمن شاء من عباده كما يطوي لهم المكان وذلك لا يدرك إلا بفيض سبحاني قال القسطلاني: قال لي البرهان ابن أبي شريف إن أبا طاهر المقدسي وهو من معاصريه كان يقرأ في اليوم والليلة خمسة عشر ختمة ولما كان قد يهم من كون له دواب وخدم تسرجها أنه كان على زي ملوك الدنيا في السعة في المطعم نبه به على أنه مع الاتساع إنما كان يأكل من عمل يده تحرياً للحلال فقال: (ولا يأكل) أي ومع ذلك يتقلل من الدنيا ولا يأكل (إلا من عمل يده) من ثمن ما كان يعمله وهو نسج الدروع فكان يبيعها ويأكل من ثمنها لأن عمل اليد أطيب المكاسب وخص داود لأن اقتصاره في أكله على عمل يده لم يكن لحاجة لأنه كان ملكاً مفخماً وإنما تحرى الأفضل. - (حم خ) في أحاديث الأنبياء (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً أحمد. 3922 - (خففوا بطونكم وظهوركم لقيام الصلاة) أي قللوا الأكل ليسهل عليكم القيام إلى التهجد في الليل فإن من كثر أكله كثر نومه فقلة الأكل ممدوحة شرعاً وطباً وكثرته مذمومة شرعاً وطبعاً وقلة الأكل أصل لكل خير ولو لم يكن إلا تنوير الباطن وإفاضة النور على الجوارح لكفى، ونقل عن المعلم الأول أرسطو أنه قال يا أبناء الحكمة لا تتخذوا بطونكم قبوراً للحيوانات ومعادن للجيف فإن ذلك يفضي بكم إلى التلف. - (حل عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضاً الديلمي. 3923 - (خلقت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما) إذا استمسكتم بهما (كتاب اللّه) القرآن (وسنتي) أمي طريقتي وهدايتي (ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) الكوثر يوم القيامة وقد تقدم تقريره فيما فيه بلاغ. - (أبو بكر الشافعي في الغيلانيات [ص 444] عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً الدارقطني باللفظ المزبور وفيه كما قال الفرياني صالح بن موسى ضعفوه وعنه داود بن عمر الضبي قال أبو حاتم: منكر الحديث. 3924 - (خلقان) تثنية خلق بالضم وهو الطبع والسجية (يحبهما اللّه) أي يرضاهما ويثيب عليهما ثواباً جزيلاً (وخلقان يبغضهما اللّه) أي ينهى عنهما ويعاقب عليهما (فأما اللذان يحبهما اللّه فالسخاء) بالمد الجود والكرم (والسماحة) أي الإعطاء بطيب نفس وفي رواية للديلمي الشجاعة بدل السماحة (وأما اللذان يبغضهما اللّه فسوء الخلق والبخل) وهما مما يقرب إلى النار ويقود إليها كما في عدة أخبار (وإذا أراد اللّه بعبد خيراً) أي عظيماً جداً كما يفيده التنكير (استعمله على قضاء حوائج الناس) أي ثم ألهمه القيام بحقها والوفاء بما استعمل عليه فمن وفقه اللّه لذلك فقد أنعم عليه بنعم جليلة يلزمه الشكر عليها وذلك علامة حسن الخاتمة لكن الأمر كله على النية والعمل لوجه اللّه تعالى لا الغرض ولا لعرض وإلا انعكس الحال فاعلم ذلك فإنه لا بد منه. - (هب) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه الأصفهاني وغيره. 3925 - (خلق اللّه الخلق) أي قدرهم والخلق التقدير وهو الأصل مصدر (فكتب آجالهم وأرزقهم) - (خط عن أبي هريرة) وفيه عبد الرحمن بن عبد العزيز قال الذهبي في الضعفاء: مضطرب الحديث وبشر بن المفضل مجهول. 3926 - (خلق اللّه جنة عدن) قيل اسم لجنة من الجنات وقال ابن القيم: الصحيح أنها اسم لها كلها فكلها جنات عدن قال اللّه تعالى {جنات عدن} والاشتقاق يدل على أن جميعها جنات عدن فإنه من الإقامة والدوام يقال عدن أقام (غرس أشجارها بيده) أي بصفة خاصة وعناية تامة فإن الشخص لا يضع يده في أمر إلا إذا كان له به عناية شديدة فأطلق اللازم وهو اليد وأراد الملزوم وهو العناية مجازاً لأن اليد بمعنى الجارحة محال على اللّه وذلك تفضيل لها على غيرها فاصطفاها لنفسه وخصها بالقرب من عرشه قال بعضهم: فهي سيدة الجنان وهو سبحانه وتعالى يختص من كل نوع أمثله وأفضله كما اختار من الملائكة جبريل ومن البشر محمداً ومن البلاد مكة ومن الأشهر المحرم ومن الليالي ليلة القدر ومن الأيام الجمعة ومن الليل أوسطه ومن الدعاء أوقات الصلوات وقوله أعني ابن القيم ومن السماوات العليا جرى فيه على عقيدته الزائغة من القول بالجهة والرجل يصرح بذلك ولا يكنى وينعق به ولا يشير ومن جملة عبارته: اللّه على العرش والكرسي موضع قدميه وفي موضع هو على العرش فوق السماء السابعة وفي آخر جنة عدن مسكنه الذي يسكن فيه لا يكون معه أحد إلا الأنبياء والشهداء والصديقون اهـ وما ذكره آخراً نقيض لما صححه أولاً من أنها اسم لجملة الجنان لا لواحدة منها إذ كيف يكون اسماً لجميعها ولا يسكنها إلا من ذكر فأين يكون عامة الناس (فقال لها) أي اللّه تعالى (تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون) أي فازوا وظفروا، زاد في رواية طوبى لهم منزل [ص 445] الملوك وهذا الكلام يحتمل كونه بلسان الحال ولا مانع من كونه بلسان المقال فإن الذي خلق النطق في لسان الإنسان قادر على أن يخلقه في أي شيء أراد. - (ك) في التفسير (عن أنس) وقال: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: بل ضعيف انتهى وفي الميزان باطل. 3927 - (خلق اللّه آدم من تراب) في رواية من طين (الجابية وعجنه بماء الجنة) قال القاضي: قد اشتهر أن آدم قد خلق من طين وأنه كان ملقى ببطن عمان وهو من أودية عرفات وظاهر هذا الحديث وصريح غيره أنه خلق في الجنة ووفق بأن طينته خمرت في الأرض وألقيت فيها حتى استعدت لقبول الصورة الإنسانية فحملت إلى الجنة فصورت ونفخ فيه الروح فيها. - (الحكيم) الترمذي (عد عن أبي هريرة) وفيه إسماعيل بن رافع قال في الميزان: قال الدارقطني وغيره: متروك الحديث وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر ثم ساق هذا الخبر. 3928 - (خلق اللّه آدم على صورته) أي على صورة آدم التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى موته لم تتفاوت قامته ولم تتغير هيئته بخلاف بنيه فإن كلاً منهم يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً وأعصاباً عارية ثم مكسوة لحماً ثم حيواناً مجنناً لا يأكل ولا يشرب ثم يكون مولوداً رضيعاً ثم طفلاً مترعرعاً ثم مراهقاً ثم شاباً ثم كهلاً ثم شيخاً أو خلقه على صورة حال يختص به لا يشاركه أنواع أخر من المخلوقات فإنه يوصف مرة بالعلم وأخرى بالجهل وتارة بالغواية والعصيان وطوراً بالهداية والاستغفار ولحظة يقرن بالشيطان في استحقاق اسم العصيان والإخراج من الجنان ولحظة يتسم بسمة الاجتباء ويتوج بتاج الخلافة والاصطفاء وبرهة يستعمل بتدبير الأرضين وساعة يصعد بروحه إلى عليين وطوراً يشارك البهائم في مطعمه ومنكحه وطوراً يسابق الكروبيين في ذكره وفكره وتسبيحه وتهليله وقيل الضمير للّه تعالى بقرينه رواية خلق آدم على صورة الرحمن والمعنى خلق آدم على صورة اجتباها وجعلها من جميع مخلوقاته إذ ما من موجود إلا وله مثال في صورته ولذلك قيل الإنسان عالم صغير. قال ابن عربي: لما وصل الوقت المعين في علمه تعالى لإيجاد هذا الخليفة الذي يهدي اللّه المملكة بوجوده وذلك بعد أن مضى من عمر الدنيا سبعة عشر ألف سنة أمر بعض ملائكته أن يأتيه بقبضةة من كل أجناس تربة الأرض فأتاه بها فأخذها سبحانه وخمرها بيده حتى تغير ريحها وهو المسنون وهو ذلك الجزء الهوائي الذي في الإنسان وجعل جسده محلاً للأشقياء والسعداء من ذريته وجمع في طينته الأضداد بحكم المجاورة وأنشأه على الحركة المستقيمة وذلك في دولة السنبلة وجعله ذا جهات ست فوق وهو ما يلي رأسه وتحت وهو ما يلي رجليه ويمين وهو ما يلي جانبه الأقوى وشمال وهو ما يلي جانبه الأضعف وأمام وهو ما يلي الوجه وخلف وهو ما يلي الفضاء وصوَّره وعدله وسوّاه ثم نفخ فيه روحه المضاف إليه فسرى في أجزائه أربعة أركان الأخلاط إذ كانت الصفراء عن الركن الناري والسوداء عن التراب، والدم عن الهواء وهو قوله مسنون والبلغم من الماء الذي عجن به التراب فصار طيناً ثم أحدث فيه القوة الجاذبة التي بها تجذب الأغذية ثم الماسكة وبها يمسك الحيوان ما يتغذى به ثم الهاضمة وبها يهضم الغذاء ثم الدافعة وبها يهضم الفضلات عن نفسه من عرق وبخار [ص 446] وريح وبراز وأما سريان الأبخرة وتقسم الدم في العروق وفي الكبد فبالقوة الجاذبة لا الدافعة ثم أحدث فيه القوة الغاذية والمنمية والحاسة والخيالية والوهمية والحافظة والذاكرة وهذا كله في الإنسان بما هو حيوان لا بما هو إنسان فقط إلا أن هذه القوى الأربع قوة الخيال والوهم والحفظ والذكر في الإنسان أقوى ثم خصت بالقوة المصورة المفكرة والعاقلة وجعل هذه القوى آلات للنفس الناطقة ليصل بها إلى جميع منافعها وجعله داراً لهذه القوى فتبارك اللّه أحسن الخالقين ثم ما سمى نفسه باسم من الأسماء إلا وجعل للإنسان من التخلق به حظاً منه يظهر به في العالم على قدر ما يليق به، ولذلك تأول بعضهم قوله في الخبر خلق اللّه آدم على صورته على هذا المعنى والحديث خرج مخرج الزجر والتهويل لوروده عقب قوله لا تقولوا قبح اللّه وجهك فإن اللّه خلق آدم على صورته أي صورة هذا الوجه المقبح ذكره القاضي. (وطوله ستون ذراعاً) بذراع نفسه أو بالذراع المتعارف يومئذ للمخاطبين أو بالذراع المعروف عندنا ورجح الأول بأن حسن الخلق يقتضي اعتدال الأعضاء وتناسبها ومن قصرت ذراعه عن ربع قامته أو طالت خرج عن الاعتدال ومن قامته ستون ذراعاً بذراع نفسه فذراعه سدس من عشر قامته فيخرج عن الاعتدال وزاد أحمد في روايته بعد ما ذكر في سبعة أذرع عرضاً ولم ينتقل أطوراً كذريته (ثم قال له اذهب فسلم على أولئك النفر) فيه إشعار بأنهم كانوا على بعد ولا حجة فيه لمن أوجب ابتداء السلام لأنها واقعة حال لا عموم لها (وهم نفر من الملائكة جلوس) قال ابن حجر: لم أقف على تعيينهم (فاستمع) في رواية فاسمع (ما يحيونك) بمهملة من التحية وفي رواية بجيم من الجواب (فإنها تحيتك وتحية ذريتك) من جهة الشرع أو أراد بالذرية بعضهم وهم المسلمون (فذهب فقال السلام عليكم) يحتمل أنه تعالى علمه كيفية ذلك نصاً وكونه فهمه من قوله له سلم وكونه ألهمه ذلك (فقالوا السلام عليك ورحمة اللّه) وهذا أوّل مشروعية السلام وتخصيصه لأنه فتح باب المودة وتأليف لقلوب الأخوان المؤدي إلى استكمال الإيمان كما في خبر مسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم واستأنس بهذا من أجاز حذف الواو في الرد ووجهه أن المسلم عليه مأمور بمثل تحية المسلم عدلاً وأحسن منها فضلاً فإذا رد بالمثل أتى بالعدل (فزادوه) الضمير لآدم والزيادة تتعدى إلى مفعولين ومفعوله الثاني قوله (ورحمة اللّه) وفيه مشروعية زيادة الرد واتفقوا على وجوب الرد لأن السلام الآمان فإذا ابتدأ به المسلم فلم يحيه أوهم الشر قال القرطبي: وقد دل هذا الخبر على تأكد السلام وأنه من الشرائع القديمة الذي كلف بها آدم ثم لم تنسخ في شريعة اهـ لكن في خبر ما حسدتكم اليهود إلخ يدل على أنه من خصوصياتنا (فكل من يدخل الجنة) من بني آدم يدخلها وهو (على صورة آدم) أي على صفته في الحسن والجمال والطول ولا يدخلها على صورة نفسه من نحو سواد وعاهة وهو يدل على عفة البعض من نحو سواد ينتفي عند دخولها (في طوله ستون ذراعاً) بذراع نفسه أو بقدر الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين أو بذراع الشرع المعروف الآن على ما تقرر فيما قبله وروى ابن أبي الدنيا عن أنس مرفوعاً يدخل أهل الجنة على طول آدم ستين ذراعاً بذراع الملك على حسن يوسف وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين اهـ وقال ابن حجر: وروى عبد الرزاق أن آدم لما هبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه اللّه إلى ستين ذراعاً فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء فطرته وظاهر هذا الحديث أنه خلق ابتداء على طول ستين ذراعاً وهو المعتمد (فلم تزل الخلق تنقص بعده) في الجمال والطول (حتى الآن) فانتهى التناقص إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك فإذا دخل الجنة عادوا إلى ما كان آدم عليه من الكمال والجمال وامتداد القامة وحسن الهامة وفي مثير الغرام في زيارة القدس والشام أن آدم كان أمرد وإنما حدثت اللحية لولده وكان أجمل البرية. قال السمهودي ما ذكر من الصفات من طول آدم وغيره ثابت لكل من دخل الجنة كما [ص 447] تقرر فيشمل من مات صغيراً بل جاء ما يقتضي ثبوت جميع ذلك للسقط فروى البيهقي بسند حسن عن المقداد ما من أحد يموت سقطاً ولا هرماً وأنحاء الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاث وثلاثين فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب ومن كان من أهل النار عظم كالجبال، والآن بالنصب ظرف يعني حتى وصل النقصان إلى الوقت الذي ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم فيه الحديث قيل هذا مقدم في الترتيب على قوله فكل من يدخل الجنة إلخ.
|